توفّر تقنيّة بلوكشين طريقة أكثر أمانًا للتحقّق من الهويّات عبر الإنترنت، حيث يسمح للمستخدمين بإنشاء هويّاتهم، والّتي يتمّ تخزينها على شبكة بلوكشين لامركزيّة، يمكن التحقّق من هذه الهويّات دون الحاجة إلى مزوّد تابع لجهة خارجيّة
أحدثت تقنيّة بلوكشين موجات في عالم التكنولوجيا لعدّة سنوات حتّى الآن، حيث يتمّ استكشاف تطبيقاتها في مختلف الصناعات، من التمويل إلى الرعاية الصحّيّة إلى إدارة سلسلة التوريد، ومع ذلك، فإنّ أحد المجالات الّتي يمكن أن يكون لها تأثير كبير هو الإنترنت، ويحاول خبراء دراسة هذه التقنيّة وإلى أين يمكن أن تغيّر الإنترنت الذي نعرفه في يومنا بشكل كليّ.
وبلوكشين هو “دفتر أستاذ” غير مركزيّ موزّع يسجّل المعاملات عبر شبكة من أجهزة الكمبيوتر، وتحتوي كلّ كتلة على تجزئة تشفير للكتلة السابقة وطابع زمنيّ وبيانات المعاملة، وارتبطت هذه التقنيّة بشكل رئيسيّ بالعملات المشفّرة مثل بتكوين، لكنّ تطبيقاتها تتجاوز ذلك، وواحدة من أهمّ الطرق الّتي يمكن أن تغيّر بها تقنيّة بلوكشين الإنترنت هي من خلال معالجة قضايا الثقة والأمان بحسب باحثين، حيث أنّ أنظمة الإنترنت التقليديّة مركزيّة، والبيانات الّتي تخزّنها معرّضة للقرصنة والهجمات الإلكترونيّة، كما توفّر تقنيّة بلوكشين طريقة أكثر أمانًا لتخزين البيانات، ممّا يجعل من المستحيل تقريبًا اختراقها أو التلاعب بها.
ووفقًا لدراسة أجرتها جامعة كامبريدج، وصل سوق العملات المشفّرة العالميّ إلى أكثر من 2 تريليون دولار، في حين أنّ هذا الرقم مثير للإعجاب، إلّا أنّه ليس حالة الاستخدام الوحيدة لتقنيّة بلوكشين، حيث يمكن أيضًا استخدام بلوكشين للتصويت عبر الإنترنت والتحقّق من الهويّة وتخزين البيانات بشكل آمن، وأحد أهمّ تطبيقات تقنيّة بلوكشين في عالم الإنترنت هو مجال الهويّة الرقميّة، إذ يتعيّن على المستخدمين الاعتماد على مزوّدي الطرف الثالث مثل “غوغل” و”فيسبوك” للتحقّق من هويّاتهم عبر الإنترنت، حيث يتخلّل هذا النظام الكثير من العيوب، إذ أنّه من المعروف أنّ هذه الشركات تشارك بيانات المستخدم مع أطراف ثالثة، ممّا يعرض خصوصيّة المستخدمين للخطر.
وتوفّر تقنيّة بلوكشين طريقة أكثر أمانًا للتحقّق من الهويّات عبر الإنترنت، حيث يسمح للمستخدمين بإنشاء هويّاتهم، والّتي يتمّ تخزينها على شبكة بلوكشين لامركزيّة، يمكن التحقّق من هذه الهويّات دون الحاجة إلى مزوّد تابع لجهة خارجيّة، ممّا يمنح المستخدمين مزيدًا من التحكّم في بياناتهم.
وفقًا لتقرير صادر عن “ماركتس آند ماركتس” فإنّه من المتوقّع أن ينمو السوق العالميّ لإدارة هويّة بلوكشين من 107 ملايين دولار في عام 2020 إلى 1.4 مليار دولار بحلول عام 2025، بمعدّل نموّ سنويّ مركّب (CAGR) يبلغ 67.2٪. هذا النموّ مدفوع بالحاجة إلى طريقة آمنة وموثوقة للتحقّق من الهويّات عبر الإنترنت، وهناك مجال آخر يتحدّث عنه الخبراء، ويمكن أن تحدث فيه تقنيّة بلوكشين ثورة في الإنترنت وهو مجال المدفوعات عبر الإنترنت، حيث أنّ أنظمة الدفع التقليديّة مركزيّة، وتخضع المعاملات لوسطاء مثل البنوك وشركات بطاقات الائتمان، ويتقاضى هؤلاء الوسطاء رسومًا، وقد تستغرق المعاملات عدّة أيّام حتّى تكتمل.
وتوفّر تقنيّة بلوكشين طريقة أكثر كفاءة وفعاليّة من حيث التكلفة لمعالجة المدفوعات عبر الإنترنت، إذ تتمّ معالجة المعاملات في الوقت الفعليّ، ولا يوجد وسطاء لإتمام المعاملات، وهذا يعني أنّه يمكن إتمام المعاملات بشكل أسرع، كما أنّ الرسوم أقلّ.
وبحسب دراسات كثيرة أجريت خلال السنوات الماضية، فإنّه يمكن أن توفّر تقنيّة بلوكشين طريقة أكثر لامركزيّة وعدالة لمنشئيّ المحتوى لتوزيع المحتوى الخاصّ بهم واستثماره، وتسمح الأنظمة الأساسيّة القائمة على بلوكشين لمنشئيّ المحتوى بتوزيع محتواهم مباشرة على جماهيرهم، دون الحاجة إلى وسطاء، ما يمنح هذا منشئيّ المحتوى مزيدًا من التحكّم في المحتوى الخاصّ بهم، ويسمح لهم بكسب حصّة أكبر من الإيرادات المتولّدة.
ويمكن استخدام تقنيّة بلوكشين لإنشاء إنترنت أكثر أمانًا من خلال توفير طريقة لا مركزيّة لتخزين البيانات والمعلومات، ومن خلال تخزين المعلومات على شبكة بلوكشين، يمكن تشفير البيانات وحمايتها من الوصول غير المصرّح به، بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام تقنيّة بلوكشين لإنشاء أنظمة مصادقة أكثر أمانًا، ممّا يزيد من صعوبة وصول المتسلّلين إلى البيانات الحسّاسة.
ومع استمرار تطوّر تقنيّة بلوكشين، يتوقّع خبراء رؤية المزيد من التطبيقات المبتكرة لهذه التكنولوجيا في مختلف الصناعات، إذ يمكن تشكيل مستقبل الإنترنت من خلال هذه التقنيّة، والتغييرات التي يمكن أن تحدثها على المدى البعيد.